By : | Category : Uncategorized | Comments Off on

20th Jul 2018

القرصنة عبر البريد الإلكترونيّ، وإرسال طلب إجراء حوالة إلى المصرف من بريد إلكتروني غير عائد حقيقة للعميل: هذا ما يحصل حالياً في القطاع المصرفيّ، وهو خطير للغاية بنتائجه: 

إنّها مشكلة العصر في القطاع المصرفيّ، خصوصاً أّنه ، في أحيان كثيرة، ينجح مختلس البريد الإلكتروني في تحقيق غايته والاستيلاء تالياً على أموال العميل، وتستحيل استعادتها لبلوغها حسابات وهمية في الخارج. وهنا تقع المشكلة مع المصرف في لبنان، ويعاني تداعياتها الموظف المعنيّ الذي غالباً ما يُصرَف من العمل!

لمواجهة هذه المشكلة الجسيمة، وحماية موظفي المصارف وتوعيتهم، والإضاءة على الموجبات الملقاة على عاتق المصرف والمصرفيّ لتفويت الفرصة على مختلس البريد الإلكتروني بالإستيلاء على أموال العملاء، سنبين في هذا المقال ما يتعين على المصرفيّ القيام به قبل اجراء وتنفيذ أي طلب يرد اليه بالبريد الإلكتروني، في ضوء تنامي هذه القرصنة الإلكترونية والتي تؤدي غالباً الى دعاوى قضائية بوجه المصرف وموظفيه المعنيّين.

فما هي موجبات المصرف والموظف المعنيّ؟

وأين تقع مسؤوليتهما؟

وما المفترض ان يفعلاه لتفادي الوقوع في فخ مرسل البريد الإلكترونيّ المزوّر؟

1 – في موجبات المصرف بشكل عام:

لن أتوسع في شرح موجبات المصرف والذي يقع عليه إعداد وتنظيم نماذج تتضمن توقيع العميل وموافقته على تنفيذ الطلبات التي ترسل من بريده الإلكتروني الى المصرف، ويستحسن توقيع العميل ايضاً على نموذج خاص آخر يتضمن البريد الإلكتروني المختار منه لتنفيذ المصرف التعليمات الصادرة عنه.

2 – في موجبات المصرفيّ بشكل خاص:

ان كل ما تقدم حول المستندات الواجب على العميل ان يوقّعها لقبول طلب مرسَل منه عبر البريد الإلكتروني الى المصرف غير كافٍ بحد ذاته، اذ اعتبر الاجتهاد انه يتعين على المصرفيّ التثبت ايضاً من عدة أمور قبل قبوله طلب اجراء حوالة أو غيرها من العمليات المصرفيّة مرسل اليه من العميل المفترض للمصرف، وتتلخص في ما يلي:

• التحقق من حقيقة مرسِل البريد الإلكتروني ومن انه فعلاً العميل لدى المصرف، وذلك عبر الإتصال به، وبحال عدم معرفته شخصيا سؤاله عن بعض المعلومات الخاصة به المعروفة من المصرفيّ.

• التأكد من أن البريد الإلكتروني الواصل الى المصرف هو المصرَّح عنه نفسه خطيا من العميل.

• التأكد، بحال الشك، من اسبقية التعامل مع العميل عبر البريد الإلكتروني.

• تدعيم اذا امكن المراسلة الإلكترونية بالفاكس.

إن موجبات المصرفيّ أعلاه تنطلق من قاعدة عامة، وهي ان عمل المصرفيّ مهنيّ احترافي يوجب عليه أخذ الحذر والحيطة في العمليات المصرفيّة التي يجريها مع الزبون بالتأكد مثلاً من هوية طالب الحوالة وصفته، قبل تنفيذها،

وهاكم، في هذا السياق، تدعيماً لما سبق وأوردناه، بعض الأراء الفقهية والاجتهادات في فرنسا. وقد اخترنا بعضاً منها لتوضيح موجبات المصرفيّ بشكل علميّ، والمسؤولية الملقاة عليه:

“Validité de l’ordre. En matière de virement nous y reviendrons, le banquier “peut également engager sa responsabilité. Naturellement avant d’éxecuter “l’ordre, le banquier devra d’abord rechercher s’il est valablement donné ce “qui suppose qu’il émane d’une personne qui a qualité et pouvoir de le donner. “Même si aucune disposition n’impose qu’un ordre de virement soit rédigé par “écrit, le banquier doit s’assurer que l’ordre provient bien de son client; et “quand l’ordre est donné par écrit , veiller, comme en matière de “chèque, à ce “que la signature corresponde bien au spécimen déposé. A défaut il engagerait “sa responsabilité de dépositaire pour ne pas avoir restitué la chose déposée à “celui qui l’a lui confiée.

Obligations et responsabilités du Banquier – Dalloz – chapitre 235 – p 137

وايضاً:

“ Les juges ont dernièrement pu décider que la responsabilité pouvait être encore “partagée entre le banquier qui a exécuté un ordre faux dès l’origine et le client. “Le premier, pour le manquement à ses obligations de dépositaire et les “négligences dont il avait fait preuve en s’abstenant de vérifier la signature “figurant sur le faux ordre de virement adressé par télécopie; le second plus “curieusement pour avoir négligé de surveiller ses coordonnées bancaires et “s’être s’abstenu de se manifester dès la date de ses placements.

المرجع نفسه اعلاه، ص 138.

واكثر من ذلك،

يتعيّن على المصرفيّ التدقيق في الحوالة التي تثير الريبة كالمرسلة الى المصرف بالبريد الالكتروني لتحويل مبلغ الى حساب في كوالا لمبور من عميل لا يقيم هناك:

“ Ordre douteux. Un ordre de virement douteux devrait normalement inciter le “banquier à se rapprocher de son client pour lui demander la confirmation de “celui-ci. Sa responsabilité ne fait pas de difficulté s’il s’abstient de le faire et “que l’ordre comporte objectivement une raison de lui faire douter de sa “sincérité. Mais il est égalemet tenu de surseoir à son exécution et de demander “cette confirmation pour une simple “anomalie intellectuelle”.

وايضاً:

“Dans cette opération, le banquier est avant tout un mandataire qui doit se “conformer scrupuleusement aux instructions de son client. Tout manquement à “son obligation de prudence et de diligence peut engager sa responsabilité. Le “banquier doit également prendre soit de vérifier la régularité et l’authenticité de “l’ordre reçu car il peut aussi éventuellement engager sa responsabilité, en cas “d’inexécution d’ordres de virement faux ou falsifié.

La responsabilite du banquier Jack Vezian – N 172 – p 110

وايضاً على المصرفيّ ان ينجز الحوالة بكل حذر وتأنٍّ بدون اي خطأ تحت طائلة امكانية تحميله شخصياً مسؤولية اي خطأ يرتكبه :

“ Mandanité , le banquier doit exécuter sa mission avec prudence et diligence. “Tout manquement de sa part, meme s’il ne constitue qu’une faute légère, est “susceptible d’engager sa responsabilité.

“Le banquier ne doit pas oublier d’exécuter le virement. Il doit ensuite le faire “sans erreur. Toute erreur , quelque soit son objet – interprétation de l’ordre “(219), montant à virer, nom du bénéficiaire…- constitue une faute pouvant lui “être reprochée.

المرجع نفسه أعلاه، رقم 174 و 175، ص 111.

وعلى المصرفيّ ان يتأكد ويدقق في الحوالة ويطلب تأكيد من العميل من انه هو مَن ارسلها، وإلّا يتحمل هو شخصياً مسؤولية اي خطأ:

“Le Banquier n’étant pas tenu à la meme rapidité d’exécution que dans le “paiement du chèque, il doit faire preuve ici d’une plus grande vigilance dans “ses vérifications (240). S’il a un doute sur l’authencité de l’ordre reçu, il doit “prendre le temps de demander une confirmation à son client. Sa négligence est “d’autant plus grave qu’elle ne peut être excuse par l’éxigence de la rapidité “d’exécution , à moins que l’urgence ait été commandée par son client.

“La Faute du banquier présente généralement les caractères d’une faute “lourde; par suite, les clauses de non-responsabilité sont impuissantes à “exonérer le banquier (241).

المرجع نفسه أعلاه – رقم 180، ص 114.

يستدل مما تقدم،

• ان موجب الحذر والاحتياط يقع على عاتق المصرفيّ بشكل أساسيّ وخاصّ، نظراً إلى تعامله باموال المودعين وتسديده تالياً مبالغ مالية لا تعود إليه.

• ان موجب الحذر والحيطة يفرض على المصرفيّ التأكد من هوية الشخص الذي يقوم بسحب مبالغ مالية، ومن صحة الحوالات المجراة، ومن انها تتم بناء لتعليمات تصدر حقيقة من صاحب الحساب، والا يكون مسؤولاً عن اي خطأ مرتكب منه.

• ان مخالفة المصرفيّ لما سبق وتقدم تشكّل مخالفة جسيمة توازي الخطأ غير المقصود المبرر لصرفه لا سمح الله، من دون تعويض أو علم مسبق.

في الختام اتمنى أن أكون قد أضأت بصورة علمية سليمة ومفيدة على كلّ جوانب القرصنة الإلكترونية في المصارف وموجبات المصرف والمصرفيّ، فالنصيحة، كل النصيحة، تبقى لكل موظف مصرف مهما تكن رتبته بالتنبه واخذ أقصى درجات الحذر والحيطة والدقة في تنفيذ أية مراسلة تصل اليه او الى المصرف بالبريد الإلكتروني تفادياً لتحميله، لا سمح الله، مسؤولية أي خطأ، خصوصاً انه، في معظم الحالات، تستحيل على المصرف استعادة الأموال المحوًّلة من حساب عميله الى الخارج نتيجة القرصنة الإلكترونية.

وتفضلوا بقبول الاحترام

المحامي كابي زهر

Comments are closed.